من يملك القانون في أوطاننا هو الذي يملك حق عزفـه !

الثلاثاء، 29 مارس 2011

وهاجرت هاجر ....

هاجر ,,
هي طفلة ولدت في الكويت كوالدها وجدها ,, رضعت حليب الوطن وعشقت كل نسمة من هواء وطنها الوحيد حالها كحال الأطفال الأبرياء,,
تعلمت الألف باء جيم في مدرسة خاصة ,, وزادت على ذلك بتعلم اللغة الإنجليزية وأجادتها كتابة وقراءة رغم صغر سنها ,, تحمل براءة نادرة حزينة وكأنها تعلم ماكان ينتظرها من حرمان ,, كانت لا تحب اللعب مع الأطفال كثيرا , وتحب الوحدة والعزلة وهي تلاعب عروستها الصغيرة , تمشط لها شعرها وتزينها وتحتضنها عند نومها , فرحت بقدوم أشقاء لها وأخذت تعاملهم كالأم , وبعد حرمان أخوتها من حق إستخراج أوراق رسمية تثبت هويتهم , وبعد التضييق على والدها في كل معاملة يريد إنجازها ,, ولأنها الوحيدة من بين أخوتها التي تحمل شهادة ميلاد فقد سمحت وتكرمت وتنازلت وزارة الداخلية عن عظمتها وكبريائها وأعطت لها جواز سفر كمرافقة لوالدها الذي أكرموه بجواز لأنه زوج كويتية ,, هرب بها والدها إلى إيرلندا ومن ثم إستقل قطار اللجوء إلى لندن , وبكل هدوء قال للسلطات بأنه لاجىء , قالت له الموظفة قف في طابور اللاجئين لنستمع إليك لاحقا , وعندما مسك بيد هاجر صرخت به الموظفة الكافرة : هل هذه الطفلة معك؟ فقال مستغربا : نعم هي طفلتي !! فأخذت تنادي لزميلات لها وإحتضنوا هاجر وقبلوها وأجلسوها سائلين عن صحتها وقدموا لها الطعام والشراب , وقامت إحدى الكافرات بشراء لعبة صغيرة لها مع إبتسامة قلبية دون تصنع معبرة لها عن حنانها ,, وقاموا هؤلاء الكفرة بالإسراع لإنجاز معاملة هاجر ووالدها وإعطائهم هوية تثبت بأنهم لاجئين ووفروا لهم السكن الملائم وبطاقات الإئتمان لكي تقوم بلاد الكفر بتوفير لهم ما يحتاجون من نقود , وقاموا بتوفير باص لينقل هاجر من وإلى المدرسة مع توفير كل ما تحتاجه ,, وبعد قبول والدها كلاجىء إنساني وتسلميه جواز سفر له ولهاجر لينتظر الجنسية البريطانية , شرح لهم معاناة أطفاله وزوجته في الكويت , فلبوا نداء الإنسانية ووافقوا على إحضار أسرته ليعيشوا معه مع التعهد بتقديم كل ما تحتاج هذه الأسرة من سكن وتعليم ورواتب ومدارس حتى قبل الحصول على الجنسية وذلك لأنهم بشر ,, نعم بشر ,, ولكن الصدمة بعدم موافقة بلاد الإسلام والعروبة على إعطاء أخوة هاجر جوازات لسفرة واحدة , سفرة واحدة فقط يريدون بها فراق كل هذه الوجوه الساجدة المباركة بطاعة الرحمن وظلم عبيده !! الراكعة للخالق الرافسة للمخلوق , العابدة للرازق المانعة لرزق العبيد , الخاشعة التي تتعامل مع فقراء أسيا بصناديق مليارية من أجل حياة كريمة المستخدمة الهروات مع فقراء تيماء من أجل حياة ذليلة ,, حرمت هاجر من جديد ولا تريد شىء سوى إحتضان والدتها , وحصل لها ذلك ولكن أين؟ في سورية , تعبر البحار لكي تقابل والدتها لبضعة أيام , ولا تشاهد أخوتها إلا عن طريق الكمبيوتر الذي لو كان من صنعنا لحرمنا البشر منه , يرفضون أن يعطوا الأطفال هوية ويتكبرون ويحرمونهم أيضا من الهجرة !! نمنع عنهم حتى من رحمة الكفار لهم !! وهناك في مبنى ذو لون أبيض وأعمدة شاهقة تجلس أربعة نسوة يحملن لواء الدفاع عن المرأة والطفل , الأولى وهي الأولى على دائرتها الأولى وأصبحت الأولى في تتبع عمامة سيدها ووليها وفقيهها , والثانية تدافع بكل شراسة عن الحكومة لبقاء بعلها في منصبه , والثالثة ليس لها هم سوى إختلاط الطلبة وفصخ الحجاب وترديد ما يقوله عراب تحالفهم الهش , أما الرابعة , فلا لون ولا رائحة ولاطعم ,,
وتبقى هاجر تجهش بالبكاء ولم يعد الدمع أن يلحم تصدعاتها , ويرتفع عويلها مجرجرة أصفاد ثقيلة , تمشي بمضمار واسع لاتعرف نهايته ,,
ويبقى أخوتها يرددون لغة معرفات أجهزة أبل أكثر من ترديد سورة الحمد , حافظين أزرة الكمبيوتر أكثر من محافظ الأقلام والمساطر ,, وتبقى الأم , ويبقى الأب ,, ونبقى نحن وبراميل نفطنا وصناديقنا الإنسانية المزيفة ,, وتبقى الإبتسامات الصفراء في وجوه الأطفال,,
وأبقى أنا ,, نعم أبقى أنتظر بصيص أمل لرؤية هاجر وهي تحتضن أخوتها وأمها ,, لأقوم بلملمة أوراقي لأنثرها في درب الإنسانية التي أصبحت سبة يعايرنا بها أبناء جلدتنا !!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق